تناقضات السنة والشيعة في إثبات نبوة محمد!

Posted: سبتمبر 29, 2021 in نهاية الإسلام

يُمكننا مناقشة فكرة المدعو رب العالمين ووجوده بعدة طرق منها استخدام مقولة حكيم المسلمين علي بن أبي طالب (يعرف الرجال بالحق) فإذا كان هنالك إله فعلاً فمن المؤكد أن يكون دينه حقاً لا ريب فيه كما وصف نفسه، وإلا فإنه يحق لنا التشكك في مصداقية ذلك. لأنه كما لا يُمكن الاتفاق على أن بيت شعر ركيك قد يعود على شاعر مخضرم، فإنه لا يُمكن أن يُنسب كلام ركيك ومتناقض وناقص إلى إله يدعي الكمال المطلق في كل شيء: في الحكمة والمعرفة والفصاحة.

المحور الأول: هل محمد نبي أم مُدعي؟
قبل أن نجيب على هذا السؤال، دعونا أولاً نعرف من هو النبي، وما هو تعريفه. النبي لغة مشتقة من كلمة (نبأ) وهو الخبر، وما سُمّي كذلك إلا لأنه يحمل نبأً وخبراً عن غيره، فالرجل الذي يأتي بالنبأ يُقال له نبي، فتقول العرب: “أنبأني فلانٌ بكذا وكذا” وعلى هذا جرت العرب. ويُقال: نبأ – يُنبئ فهو نبيء وهذا ما تعارفت عليه الأعراب وخالفتهم عليها قريش وفي ذلك يقول سيبويه: {ليس أَحد من العرب إلاّ ويقول تَنَبَّأَ مُسَيْلِمة، بالهمز، غير أَنهم تركوا الهمز في النبيِّ كما تركوه في الذُرِّيَّةِ والبَرِيَّةِ والخابِيةِ، إلاّ أَهلَ مكة، فإنهم يهمزون هذه الأَحرف ولا يهمزون غيرها، ويُخالِفون العرب في ذلك. قال: والهمز في النَّبِيءِ لغة رديئة، يعني لقلة استعمالها، لا لأَنَّ القياس يمنع من ذلك. أَلا ترى إلى قول سيِّدِنا رسولِ اللّه، صلى اللّه عليه وسلم: وقد قيل يا نَبِيءَ اللّه، فقال له: لا تَنْبِر باسْمي، فإنما أَنا نَبِيُّ اللّه. وفي رواية: فقال لستُ بِنَبِيءِ اللّه ولكنِّي نبيُّ اللّه. وذلك أَنه، عليه السلام، أَنكر الهمز في اسمه فرَدَّه على قائله لأَنه لم يدر بما سماه، فأَشْفَقَ أَن يُمْسِكَ على ذلك، وفيه شيءٌ يتعلق بالشَّرْع، فيكون بالإِمْساك عنه مُبِيحَ مَحْظُورٍ أَو حاظِرَ مُباحٍ.} [المصدر: لسان العرب باب الجذر “نبأ”]

ومن كلام سيبويه نستنتج أن محمداً لم يفهم كلام قومه، واستنكر على الذين سمّوه [نبيء الله] واستبدل ذلك بوصف [نبي الله] مخالفاً بذلك قياس القرشيين، وهو ما يشي بعدم إلمامه بالعربية، فالقريش والتي شيع أنها أفصح العرب خالفت العرب في لغتها وكانت تنطق الهمزة في كلمة [نبيء] على غير عادة العرب، ومحمد قرشي، وقريش أفصح العرب، فلماذا أنكر محمد نطق الهمزة وهي الأصح قياساً (كما تقدّم؟) والقول الراجح: إنه جهل محمد باللغة. وقد جاء في كلام محمد المُسمى (قرآن) استخدامات كثيرة لكلمة النبي بمعنى المُخبر والناقل للنبأ فنقرأ مثلاً قوله: {نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم} وكذلك في قوله: {ونبئهم عن ضيف إبراهيم} إذن فهو مُخبر عن الإله ولهذا فهو نبي.

مما تقدم نستخلص أن النبي ما سُمّي نبياً إلا لأنه يُخبر عن الله وينبئ عنه، وهذا يعني أن كلام النبي يجب أن يكون صحيحاً بالضرورة لأنه ليس كلاماً بشرياً بل هو وحي سماوية وإلهي، وهذا المعنى بالتحديد ما تحدث عنه محمد في قرآنه {وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يُوحى} وقد اختلف المُفسرون (كعادتهم طبعاً) في تفسير الضمير المنفصل (هو) فما هو الذي وحيٌ يُوحى هل هو ما يقوله محمد كله في كلامه أم ما يقوله في قرآنه؟ وهذا هو الخلاف القائم بين أئمة الشيعة والسُنة، فالسنة يقولون ببشرية كلام محمد في غير القرآن والحديث أو في غير ما يتعلق بأمور التشريع فهي وحي من المُشرّع بالضرورة ولا يُمكن أن يُخطئ فيها محمد أبداً، ولكنهم لا يعفونه من الخطأ البشري فيما ليس من تشريع، ومن ذلك حادثة تأبير النخل المشهورة، ولكن أهل السنة والجماعة وقفوا عاجزين عن تفسير خطأ محمد في قضية الأسرى والتي من المفترض أنها تشريعية كتقسيم الغنائم كذلك، ونعلم القصة التي تتداولها كتب التراث الإسلامي في قصة أسرى بدر الذين غنمهم محمد من قريش، فكان أن استشار عمر بن الخطاب وأبا بكر الصديق فأشار عليه الأول بقتلهم، وأشار عليه الثاني بتركهم يُعلّمون أبناء المسلمين القراءة والكتابة، فاستحسن رأي الأخير، ولكنه عاد وندم على ذلك لاحقاً وعاتب نفسه بقوله {وما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يُثخن في الأرض} وهذا العتاب الإلهي يطعن مباشرة في جزئية عدم النطق عن الهوى، لأنه إن كان نبياً فما كان له أن يُخطأ مثل هذا الخطأ حتى يُعاتبه الله.

أما الشيعة فإنهم يرون عصمة النبي وآل بيته، تلك العصمة التي تجعلهم جميعاً غير قابلين للخطأ لا في الأمور التشريعية ولا في الأمور الحياتية الدنيوية، وبذلك فهم يرفضون حادثة التأبير ويزعمون أنها مزيفة ومختلقة، وكذلك لا يرون أن سورة (عبس وتولى) تعني محمداً، بل تعني شخصاً آخر لأنهم يستبعدون أن يكون محمد الذي وصف نفسه بأنه على خلق عظيم أن يفعل فعلاً يُنافي الأخلاق ومبادئها التي لا تتجزأ. ولكن الشيعة تناسوا أن القرآن يزعم أنه كلام الله الموجّه إلى محمد تشريعاً ومنهجاً وهداية للأتباع من المسلمين، وما كان لأحد أن يتزكى أو يتذكر من شخص مسلم في وجود زعيم المسلمين محمد بينهم كما في الآية {عبس وتولى أن جاءه الأعمى وما يدريك لعله يتزكى أو يتذكر فتنفعه الذكرى أما من استغنى فأنتَ له تصدى وما عليك ألا يتزكى} فمن الواضح أن المخاطب هنا هو محمد لأن هذه السورة مكيّة وهي من أوائل السور، ومن الطبيعي أن يكون محمد هو المُرشد والمُعلّم لأقوام حديثي عهد بالإسلام لا يعرفون عنه شيئاً، وإلا فمن كان بإمكانه أن يتصدى (للدعوة) للإسلام غير محمد في ذلك الوقت وجُلّ المسلمين لا يعرفون عن الإسلام شيئاً؟ وبالتأكيد لا ننسى الإشارة إلى تحوّل لغة الخطاب في النسق القرآني (وهو كثير بالمناسبة) فيما سبق من آيات.

عبسَ = هو
تولى = هو
جاءَه = هو
ما يدركَ – أنت
فأنت له تصدىَ
وما عليكَ = أنتَ

هذا الأسلوب المُربك الذي ينم عن عدم تركيز وعدم بلاغه، فكيف يكون الخطاب بصيغة الغائب ثم ينتقل إلى صيغة المتكلّم فجأة؟ وكما أشرتُ من قبل فإن مثل هذه الإرباكات اللغوية في أسلوب الخطاب القرآني كثيرة جداً.

عموماً، فإنه بين تناقضات السنة وتناقضات الشيعة، يُصبح الحكم الوسطي على كلام محمد المُعتبر وحياً هو كلام التشريع وهو ما لا يكاد يختلف عليه السُنة والشيعة على حدّ سواء، رغم وجود شواهد تثبت عكس ذلك، ولكن فليكن هذا هو الخيط الذي سوف نتبعه للتأكد من أن محمد ينقل أخبار السماء إلى الناس وأنه صادق في نقل هذه الأخبار لأنه مُلزم بها كما في قوله {وما كان هذا القرآن أن يُفترى من دون الله} وقوله: {وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحياً أو من وراء حجاب أو يُرسل رسولاً فيُوحي بإذنه ما يشاء} أو قوله كذلك: {اتل ما أُوحي إليك من كتاب ربك} فهذه الآيات تدل على أن أمور التشريع النصوصية هي منقولة من إله ما إلى نبيّه أو رسوله، وهو بدوره ينقلها إلى الأتباع، فهل هذا الأمر صحيح؟

نقرأ في تفسير الآية {النار يُعرضون عليها غدواً وعشياً ويوم القيامة أدخلوا آل فرعون أشد العذاب} [غافر:46]

{وهذه الآية أصل كبير في استدلال أهل السنة على عذاب البرزخ في القبور . ولكن هنا سؤال وهو أنه لا شك أن هذه الآية مكية وقد استدلوا بها على عذاب القبر في البرزخ وقد قال الإمام أحمد ثنا هاشم هو ابن القاسم أبو النضر ثنا إسحاق بن سعيد هو ابن عمرو بن سعيد بن العاص ثنا سعيد يعني أباه عن عائشة رضي الله عنها أن يهودية كانت تخدمها فلا تصنع عائشة رضي الله عنها إليها شيئا من المعروف إلا قالت لها اليهودية وقاك الله عذاب القبر قالت عائشة رضي الله عنها فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم علي فقلت يا رسول الله هل للقبر عذاب قبل يوم القيامة ؟ قال صلى الله عليه وسلم لا من زعم ذلك ؟ ” قالت هذه اليهودية لا أصنع إليها شيئا من المعروف إلا قالت وقاك الله عذاب القبر قال : صلى الله عليه وسلم ” كذبت يهود وهم على الله أكذب لا عذاب دون يوم القيامة ” ثم مكث بعد ذلك ما شاء الله أن يمكث فخرج ذات يوم نصف النهار مشتملا بثوبه محمرة عيناه وهو ينادي بأعلى صوته ” القبر كقطع الليل المظلم أيها الناس لو تعلمون ما أعلم بكيتم كثيرا وضحكتم قليلا أيها الناس استعيذوا بالله من عذاب القبر فإن عذاب القبر حق ” وهذا إسناد صحيح على شرط البخاري ومسلم} [المصدر: تفسير ابن كثير]

نجد مما سبق أن محمد لم يكن له أدنى فكرة عن معلومة عذاب القبر، وأنه أنكر ذلك عندما نقلته عائشة إليه عن اليهودية (لاحظوا وجود اليهودية في القصة، لتعرفوا مدى استفادة الإسلام من التراث اليهودي) وإنه تسرّع فيما يجب أن يكون من الأمور المختصة بالوحي وأنكر حدوث عذاب القبر، ثم بعد فترة أكد حدوث عذاب القبر. هذه القصة تدل على أن محمد لم يكن على اتصال ما بالسماء على الإطلاق، وإلا فكيف لنبي ألا يعرف أن هنالك عذاب في القبر بل ويؤكد بقوله: “لا عذاب دون يوم القيامة” أي قبله؟ فهل هذا تصرّف رجل متصل بالسماء ويأتيه نبأ منها؟ والراجح أن محمداً كان يتبع تراث اليهود خطوة بخطوة، فيُقر ما يُقرونه ويُخالفهم قليلاً حتى لا يُتهم بالنقل الحرفي، وأدلة استفادة الإسلام من التراث اليهودي كثيرة جداً، كان آخرها ما اكتشفناه من أوجه الشبه الكبيرة بين صلاة اليهود القديمة وصلاة المسلمين المعلومة اليوم.

أضف تعليق

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.